لمحات من الذاكرة الجماعية
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
لمحات من الذاكرة الجماعية
لمحات من الذاكرة الجماعية
جغرافية المكان : أم العجول ، المدينة الصغيرة
ـ قبل ثلاثينات هذا القرن ، أي القرن العشرين ، كانت سهولها وهضابها البسيطة ثروة غنية ، من الشعير و الشوفان والقمح الليّن ، يستفيد منها ويستثمرها المعمّرون / الكولون القادمون من جزيرة كورسيكا وجنوب ايطاليا ومالطا . كانت حقلا خصبًا ومرعى لآلاف الرؤوس من الماشية والغنم . ومازالت ، لكنها تعاني حين ننظر إليها بشمولية وعمق ، ولو أنها مازالت ترسل بطرفها لأفق الرخاء والغلة ، ... ولم تيأس لأن أهلها يحملون صبر الأرض وعمق الجذور و أمل الغيث وعذوبة المياه ../ مثلما كان ومازال يناهز إلى ثراها أهل الجنوب ، ربيع وصيف كل عام ، ليمرحوا وليسرحوا بقطعانهم .
عند نهاية الموسم يعودون محمّلين بحب الحصيد والعولة وصحة الماشية – كون هواء أم العجول واتساعها يمثل مناخا مساعدا لتربية الماشية .
...هناك أسماء نائمة بذاكرة الشيوخ رغم تراكم النسيان والبطالة ، أسماء مثل : كوتدار – بيبير – كرادو- باطاي ..الخ..أسماء جيء بها لتحرث الأرض وتحلب الضرع ، وتستغل عرق الأرياف والسواعد .. لكنها انكسرت..أسماء عاشت بالذاكرة الشعبية سنينًا عديدة ، ثم ولّت خاسئة ذلولًا تجر حلمها المسروق من تراب الغير – يقول الراسخون في الحرث والغلة أن أم العجول هذه : كانت تملأ مخازن المدينة لحافة السقف .. خاصة بمواسم – الصابة - لكن إن أصابها العام بريح الجنوب والجفاف ،فإنّ أم العجول تتحوّل إلى شبح حزين صامت .. يتأمل وينتظر القطر ..ويجتاز المحنة ..فلا مورد آخر بالإقليم يمكنه أن يوفّر ما توفّره الأرض ..أبنائها فلاحون شرفاء سواء من يملك أرضا أو من بلا أرض ..يقول بعض الخيّرين تحت جدرانها ، إذا جاء العام طيبًا فإنّ الذي بلا أرض تصبح له أرض . أي يعمل بيديه مثل جميع عمال الأرض ..
أما موقعها الجغرافي فيقع بين خطي الجنوب الشرقي لعاصمة الولاية سطيف ، بين الجبال على فسيح مترامٍ
جهة الشرق والغرب ..مدائن من التراب اختصاصها مادة إستراتجية تتمثل في الحبوب .
على الطريق الوطني رقم : 75 تقع القرية شبه المدينة الصغيرة ، لم تكبر وسط كل هذا الغناء من الأراضي والمشاتي .. وسرى الاسم فغطى كل الأقاليم المتاخمة.. أم العجول .
... مازالت القرية الصغيرة ذات الكهرباء وطريق الإسفلت تنهض كل صباح .. تتجه إلى الحقول ، أقلية فقط من شبابها الطّموح .. يتابع الدراسة أو يتكون بإحدى المرافق أن الأغلب من شبابها يمتاز بالنضج المبكر – فالطفل يخاطبك مثل شاب . والكهل مثل شيخ ..قد تكون العقلية الزراعية المتوارثة جعلت من شبابها ناضجين قبل الأوان ..وما أكثر أمالهم . وأحلامهم.. لكنهم مازالوا بصبر ينتظرون تجديد الظرف وضوء الأفق..
نعود لمحة إلى الوراء لنرى صورة القرية بكتاب الماضي .. وبالضبط في ذروة المأساة الغاشمة حيث أصبحت أم العجول معسكرا وسجنا وأضواء كاشفة.. دبابات وكلاب وسلاح يخنق شعاع الفرح ويصادر الحرية ../ كان المركز يقوم بالحماية والمراقبة وزرع الرعب ، وكانت العلاقة حميمية للغاية بين الفلاح المعمّر / وبين النقيب العسكري ..علاقة سافرة لحد الطيش يأكل فيها العسكري لحم الخنزير ويشرب النبيذ .. ويرقص ، بالصباح يشد الزناد ويقطب حاجيبيه إنذارا وسلطة .. التكامل الذي يشد من السيطرة على السكان الأصليين .
أم العجول ، و ســـــــــــوق الجمعة
حين تعود الأماكن من الذاكرة ، تعود أسماؤها رمزًا لحرارة ذلك التواصل القديم مع الزخم الشعبي والالتحام الذي يصنع من جراء الاجتماع البشري – وأعني تحديدا بالأسواق الأسبوعية ذات الخصوصية في الربط بين الأقاليم المتباعدة ..- المفروض والعاجل أنّ بُعّاد النظر المعرفي في فكرة السوق وإعادة الحياة ، بلا حجج لا ترتكز على الدراسة وهو أن حمام السخنة قتل أم العجول / سوق الجمعة / منطقيًا / ربما حين حولت البلدية إلى الحمّام حوّل السوق معها ، لكنه يبدو دخيلا وغير متجانس ،لأن التنوع والخصب الذي يحمله سوق الجمعة العريق بقرية أم العجول لا يحمله السوق المتنقل المختصر على الفواكه والخضر .. / فأين الحبوب وابن الشاة والخروف ، وأين البضائع ، وأين الحطب والصنوبر والعرعار ..؟.
خاصة وأن – سوق الجمعة – كان يتموقع بين القرى على مسافات تبدو متناثرة الأبعاد ، بئر لخليفي / بئر الطاشمة / أولاد سلام - - الفرادة / أولاد هلال –أولاد العزام والطاية ..وغيرهم – السؤال الجدير بالطرح لماذا لاتبقى حمام السخنة كمدينة سياحية تتوفر الآن على أغلب الضروريات من محلات ومقاهي وصيدليات ومركز ثقافي مرموق ، ويعود سوق الجمعة لمكانته التاريخية والجغرافية بأم العجول المجاهدة .. فمكانه الأرضي مازال هو..هو .. حتى أساساته رغم المسح مازالت بادية للعيان ورغم الحدث ../
إن وجود هذا السوق التاريخي بالمنطقة يحلّ الكثير من مشاكل السكان والفلاحين لقربه من بيوتهم ولصلاحيته بيوم عطلة رسمية تساعد الجميع على التنقل والكسب الحلال والتزود بلوازم الحياة - إنّ سوق الجمعة مازال موجودًا بذاكرة المدينة وذاكرة الأرياف .
إنه جزء من ماضيها وماضي آبائها ، فالسوق أيضا يؤرخ ويحفظ الدروس والعبر استراتجيا يحتل سوق الجمعة الصدارة من بين مواقع الأسواق الأخرى ، مكان مرتفع على سطح الأرض ينفتح على الاتساع من كل الجهات ، أرضية ممهدة بسيطة لا تكلف كثيرا فيما لو أعيد بناؤه من جديد – فالحجارة الموجودة بالحقول المجاورة كفيلة ببعثه من عدم .. وتبقى النية الصادقة والمبادرة المدركة للصالح العام هي المطلب الأساسي.
قد يبدو هذا الكلام في نظر البعض حلما رومانسيا.. ما أروع أن يصير هذا الحلم الرومنسي حقيقة تسعى ، بين المشاتي والأقاليم .. في ربط الذاكرة بين الأجيال في التاريخ للمكان – إنّ عودة السوق لمكانته الطبيعية سيوحد بين الناس سوسيولوجيا ، يجمع أكثر مما يفرق ، عودته لقريته أم العجول يعتبر مكسبا اقتصادياً في مستوى الحلم . سوف يجدد الحياة لدى الريفيين الذين غزا بعضهم اليأس ويحدد ضابطا / طاقة الناس وحركتهم في التاريخ والزمن .. وينهض بالقرية الصغيرة فتصير مدينة زاهرة ..
للتذكير : أم العجول بحوالي (60) كلم عن سطيف وهي تابعة إدارياً لبلدية الطاية – على مسافة تقدر ب(12) كلم وبلدية الطاية – هي القائمة بأعمال الطرق والتوسع والتنظيف وجلب مياه الشرب ....
جغرافية المكان : أم العجول ، المدينة الصغيرة
ـ قبل ثلاثينات هذا القرن ، أي القرن العشرين ، كانت سهولها وهضابها البسيطة ثروة غنية ، من الشعير و الشوفان والقمح الليّن ، يستفيد منها ويستثمرها المعمّرون / الكولون القادمون من جزيرة كورسيكا وجنوب ايطاليا ومالطا . كانت حقلا خصبًا ومرعى لآلاف الرؤوس من الماشية والغنم . ومازالت ، لكنها تعاني حين ننظر إليها بشمولية وعمق ، ولو أنها مازالت ترسل بطرفها لأفق الرخاء والغلة ، ... ولم تيأس لأن أهلها يحملون صبر الأرض وعمق الجذور و أمل الغيث وعذوبة المياه ../ مثلما كان ومازال يناهز إلى ثراها أهل الجنوب ، ربيع وصيف كل عام ، ليمرحوا وليسرحوا بقطعانهم .
عند نهاية الموسم يعودون محمّلين بحب الحصيد والعولة وصحة الماشية – كون هواء أم العجول واتساعها يمثل مناخا مساعدا لتربية الماشية .
...هناك أسماء نائمة بذاكرة الشيوخ رغم تراكم النسيان والبطالة ، أسماء مثل : كوتدار – بيبير – كرادو- باطاي ..الخ..أسماء جيء بها لتحرث الأرض وتحلب الضرع ، وتستغل عرق الأرياف والسواعد .. لكنها انكسرت..أسماء عاشت بالذاكرة الشعبية سنينًا عديدة ، ثم ولّت خاسئة ذلولًا تجر حلمها المسروق من تراب الغير – يقول الراسخون في الحرث والغلة أن أم العجول هذه : كانت تملأ مخازن المدينة لحافة السقف .. خاصة بمواسم – الصابة - لكن إن أصابها العام بريح الجنوب والجفاف ،فإنّ أم العجول تتحوّل إلى شبح حزين صامت .. يتأمل وينتظر القطر ..ويجتاز المحنة ..فلا مورد آخر بالإقليم يمكنه أن يوفّر ما توفّره الأرض ..أبنائها فلاحون شرفاء سواء من يملك أرضا أو من بلا أرض ..يقول بعض الخيّرين تحت جدرانها ، إذا جاء العام طيبًا فإنّ الذي بلا أرض تصبح له أرض . أي يعمل بيديه مثل جميع عمال الأرض ..
أما موقعها الجغرافي فيقع بين خطي الجنوب الشرقي لعاصمة الولاية سطيف ، بين الجبال على فسيح مترامٍ
جهة الشرق والغرب ..مدائن من التراب اختصاصها مادة إستراتجية تتمثل في الحبوب .
على الطريق الوطني رقم : 75 تقع القرية شبه المدينة الصغيرة ، لم تكبر وسط كل هذا الغناء من الأراضي والمشاتي .. وسرى الاسم فغطى كل الأقاليم المتاخمة.. أم العجول .
... مازالت القرية الصغيرة ذات الكهرباء وطريق الإسفلت تنهض كل صباح .. تتجه إلى الحقول ، أقلية فقط من شبابها الطّموح .. يتابع الدراسة أو يتكون بإحدى المرافق أن الأغلب من شبابها يمتاز بالنضج المبكر – فالطفل يخاطبك مثل شاب . والكهل مثل شيخ ..قد تكون العقلية الزراعية المتوارثة جعلت من شبابها ناضجين قبل الأوان ..وما أكثر أمالهم . وأحلامهم.. لكنهم مازالوا بصبر ينتظرون تجديد الظرف وضوء الأفق..
نعود لمحة إلى الوراء لنرى صورة القرية بكتاب الماضي .. وبالضبط في ذروة المأساة الغاشمة حيث أصبحت أم العجول معسكرا وسجنا وأضواء كاشفة.. دبابات وكلاب وسلاح يخنق شعاع الفرح ويصادر الحرية ../ كان المركز يقوم بالحماية والمراقبة وزرع الرعب ، وكانت العلاقة حميمية للغاية بين الفلاح المعمّر / وبين النقيب العسكري ..علاقة سافرة لحد الطيش يأكل فيها العسكري لحم الخنزير ويشرب النبيذ .. ويرقص ، بالصباح يشد الزناد ويقطب حاجيبيه إنذارا وسلطة .. التكامل الذي يشد من السيطرة على السكان الأصليين .
أم العجول ، و ســـــــــــوق الجمعة
حين تعود الأماكن من الذاكرة ، تعود أسماؤها رمزًا لحرارة ذلك التواصل القديم مع الزخم الشعبي والالتحام الذي يصنع من جراء الاجتماع البشري – وأعني تحديدا بالأسواق الأسبوعية ذات الخصوصية في الربط بين الأقاليم المتباعدة ..- المفروض والعاجل أنّ بُعّاد النظر المعرفي في فكرة السوق وإعادة الحياة ، بلا حجج لا ترتكز على الدراسة وهو أن حمام السخنة قتل أم العجول / سوق الجمعة / منطقيًا / ربما حين حولت البلدية إلى الحمّام حوّل السوق معها ، لكنه يبدو دخيلا وغير متجانس ،لأن التنوع والخصب الذي يحمله سوق الجمعة العريق بقرية أم العجول لا يحمله السوق المتنقل المختصر على الفواكه والخضر .. / فأين الحبوب وابن الشاة والخروف ، وأين البضائع ، وأين الحطب والصنوبر والعرعار ..؟.
خاصة وأن – سوق الجمعة – كان يتموقع بين القرى على مسافات تبدو متناثرة الأبعاد ، بئر لخليفي / بئر الطاشمة / أولاد سلام - - الفرادة / أولاد هلال –أولاد العزام والطاية ..وغيرهم – السؤال الجدير بالطرح لماذا لاتبقى حمام السخنة كمدينة سياحية تتوفر الآن على أغلب الضروريات من محلات ومقاهي وصيدليات ومركز ثقافي مرموق ، ويعود سوق الجمعة لمكانته التاريخية والجغرافية بأم العجول المجاهدة .. فمكانه الأرضي مازال هو..هو .. حتى أساساته رغم المسح مازالت بادية للعيان ورغم الحدث ../
إن وجود هذا السوق التاريخي بالمنطقة يحلّ الكثير من مشاكل السكان والفلاحين لقربه من بيوتهم ولصلاحيته بيوم عطلة رسمية تساعد الجميع على التنقل والكسب الحلال والتزود بلوازم الحياة - إنّ سوق الجمعة مازال موجودًا بذاكرة المدينة وذاكرة الأرياف .
إنه جزء من ماضيها وماضي آبائها ، فالسوق أيضا يؤرخ ويحفظ الدروس والعبر استراتجيا يحتل سوق الجمعة الصدارة من بين مواقع الأسواق الأخرى ، مكان مرتفع على سطح الأرض ينفتح على الاتساع من كل الجهات ، أرضية ممهدة بسيطة لا تكلف كثيرا فيما لو أعيد بناؤه من جديد – فالحجارة الموجودة بالحقول المجاورة كفيلة ببعثه من عدم .. وتبقى النية الصادقة والمبادرة المدركة للصالح العام هي المطلب الأساسي.
قد يبدو هذا الكلام في نظر البعض حلما رومانسيا.. ما أروع أن يصير هذا الحلم الرومنسي حقيقة تسعى ، بين المشاتي والأقاليم .. في ربط الذاكرة بين الأجيال في التاريخ للمكان – إنّ عودة السوق لمكانته الطبيعية سيوحد بين الناس سوسيولوجيا ، يجمع أكثر مما يفرق ، عودته لقريته أم العجول يعتبر مكسبا اقتصادياً في مستوى الحلم . سوف يجدد الحياة لدى الريفيين الذين غزا بعضهم اليأس ويحدد ضابطا / طاقة الناس وحركتهم في التاريخ والزمن .. وينهض بالقرية الصغيرة فتصير مدينة زاهرة ..
للتذكير : أم العجول بحوالي (60) كلم عن سطيف وهي تابعة إدارياً لبلدية الطاية – على مسافة تقدر ب(12) كلم وبلدية الطاية – هي القائمة بأعمال الطرق والتوسع والتنظيف وجلب مياه الشرب ....
princess- عضو نشيط
-
عدد الرسائل : 60
العمر : 31
تاريخ التسجيل : 03/09/2008
رد: لمحات من الذاكرة الجماعية
عفواً وبشكرك على مرورك المميز
princess- عضو نشيط
-
عدد الرسائل : 60
العمر : 31
تاريخ التسجيل : 03/09/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الأحد نوفمبر 30, 2008 4:12 am من طرف الامبراطور
» اكتشف نوع خجلك
الجمعة نوفمبر 28, 2008 4:48 pm من طرف princess
» حكمة اليوم ضعها هنا ....... أرجو التثبيت
الجمعة نوفمبر 28, 2008 4:39 pm من طرف princess
» قصة كتير حلوة و روعة
الجمعة نوفمبر 28, 2008 4:29 pm من طرف princess
» أمثال عربية
الجمعة نوفمبر 28, 2008 4:24 pm من طرف princess
» كلمات حكيمة
الجمعة نوفمبر 28, 2008 4:08 pm من طرف princess
» مارح تضيع ولا ثانية ع الفاضي
الجمعة نوفمبر 28, 2008 4:07 pm من طرف princess
» دكتور نذل جدا...جدا..جدا
الجمعة نوفمبر 28, 2008 4:03 pm من طرف princess
» قصة الحلاق مع الفلاح وتاجر الذهب والهندي
الجمعة نوفمبر 28, 2008 4:00 pm من طرف princess
» أخطر الحيوانات على الأنس والجن
الجمعة نوفمبر 28, 2008 3:56 pm من طرف princess